
بسم الله
أهلا بكم في “مدونة لام” لعرض فكرة بسيطة لها آثار عظيمة في فهم مدلول الرقم 2 في اللغة العربية.
للأرقام 1 و2 و3 دلالات جميلة جدا في اللغة العربية وبلاغتها ، أعرض منها اليوم فكرة بسيطة عن الرقم 2 . الرقم 2 هو رقم التوازن وبالتالي رقم ثبات ، نجد الدليل على ذلك عندما نقف على قدمين اثنين. كما أنه رقم دعم أو سند ، ونجد ذلك عندما تدعم اليد اليسرى اليمنى في فعل ما مثل رفع طاولة من على الأرض. كذلك يحوي الرقم 2 فكرة التفتح – الذي لا يأتي إلا بوجود عدد أكثر من 1 – والاتساع. وهذه المعاني واضحة جليّة في اللغة العربية في صيغة المثنى ، وفي الأسماء الخمسة.
تكلمت في مدونة سابقة العام الماضي بعنوان (اللوحات الفنية لحروف العلة وتوازن حركة الطاقة في الكون) عن الحروف الواو والألِف والياء كحروف تعبّر عن حالة التوازن من عدمه ، وذكرت أن حرف الألِف يعبّر عن التوازن. ونجد عندما نتكلم عن صيغة المثنى أن حرف الألِف هو الحرف الأساسي المستخدم في هذه الصيغة ، فنقول كتابان اثنان أو بنتان اثنتان. كذلك تكلمت في تلك المدونة عن حرف الياء الذي يشير إلى الاتساع ، ونجد أيضا عندما نتكلم عن صيغة المثنى أن حرف الياء هو الحرف الآخر المستخدم في هذه الصيغة ، فنقول كتابَيْن اثنَيْن أو بنتَيْن اثنتَيْن.
وماذا عن الأسماء الخمسة – تلك الأسماء المكونة من حرفين لا ثالث لهما؟ أتذكرونهم؟ (أب ، أخ ، حم ، ذو ، فو). نجد معنى الدعم والسند في الكلمات (أب وأخ وحم) أليس كذلك؟ ومعنى ملازمة شيء لآخر في كلمة (ذو) مثلما نقول “ذو الجلال والإكرام”. أما الانفتاح فهو معنى كلمة (فو) – الفم المفتوح الذي لا يغلق. وبالتمهل للحظة تفكير وتدبّر يمكننا ملاحظة أن جميع هذه الكلمات وردت في صيغة المذكّر ، فالرقم 2 هو أصغر أو أضيق عدد يمكن به تكوين كلمات مستقلة لها معنى. مما يعني أن تكوين هذه الكلمات من حرفين فقط لم يأت عن طريق الصدفة المحضة ، سبحان الله.
ثم انظروا معي في استخدامات الرقم 2 في الكون وفي الحياة مثل “ذكر وأنثى” ، “يمين ويسار” ، “طويل وقصير” ، “سماء وأرض” ، “بعيد وقريب” ، هذه الأضداد ضرورية الوجود لتحقيق التوازن في الكون وفي الحياة ، ونحن نقبلها ونفهمها بالفطرة لأنها جزء منّا ومن حياتنا ، ونحن جزء من الكون.
وهذا الاعتماد على جزئين لتحقيق توازن هو بالفعل ما نجده في اللغة العربية:
فلدينا مثلا شطران لكل بيت شِعر.
ولدينا حالتان للهمزة (همزة القطع وهمزة الوصل) وحالتان للتاء (التاء المفتوحة والتاء المربوطة) وحالتان لصوت النون (حرف النون وصوت التنوين).
ولدينا الحروف الشمسية والحروف القمرية.
ولو تبحّرنا في هذه الفكرة بشكل أعمق لوجدنا الكثير من الأمثلة الأخرى لاستخدام الرقم 2 في لغتنا العربية الجميلة – لغة تعبّر عن التوازن والثبات والدعم والسند والتفتّح والاتساع. ما أجملها من لغة!
أشكركم لوجودكم معي اليوم ، وإلى اللقاء في مدونة جديدة.
السلام عليكم