بسم الله
أهلا بكم في “مدونة لام” ، لعرض فكرة بسيطة لها آثار عظيمة في معالجة “الاحتياج للمعاناة”.
نعرف أن المرض ينتج من ضعف المناعة. وضعف جهاز المناعة ينتج عن الانفعال. فكل إنسان عرضة للإصابة بالمرض بين الحين والحين. ولكن الأعراض والأمراض المزمنة شيئ آخر. ورفض تنفيذ إرشادات الطبيب أو التهاون فيها إشارة لما هو أعمق من المرض نفسه. والإصرار على اختيارات وتصرفات معينة رغم أضرارها المعروفة دليل على احتياج أكبر وأعمق للمرض ، فتجنُب الألم النفسي أهم من المعاناة من الألم البدني. وكلما كان الاحتياج لتجنب الألم النفسي أعظم كلما اشتد المرض واشتدت المعاناة من المرض.
ولكن المرض ليس المصدر الوحيد للمعاناة. أعرف شخصا كان على استعداد أن يفقد مدخرات حياته بالكامل (وكاد أن يفقدها فعلا) حتى يتفادى الرعب غير المنطقي الذي ينتابه كلما فكّر في ضرورة الذهاب إلى البنك أو التعامل النقدي على الشبكة الإلكترونية. وأعرف عددا لا بأس به من الناس يرفضون إدخال الراحة إلى حياتهم ويفضلون الشكوى ، ويعانون مما يعانون منه يوميا. لماذا يا ترى يحتاجون إلى المعاناة؟
المعاناة تدر الاهتمام ، والعطف ، والشفقة ، والمشاركة ، والتقارب ، والراحة من معاناة أخرى.
وهي أيضا حجة للهروب ، أوالتنفيس ، أو الالتهاء ، أو السيطرة.
كما أنها – في اعتقاد البعض – شر لا بد منه ، مفروض على الإنسان ، لا حول ولا قوة له فيه ، وأنها مُدِرَّة للحسنات الروحانية.
ولكن هل هذه فعلا حقيقة المعاناة؟
الواقع أن الإنسان يعاني عندما يرفض أو يؤجل تكريس الوقت أو المال أو المجهود (أو توليفة منهم) للتعامل مع موقف معين أو تغيير فكرة معينة. فالإنسان لديه هذه العناصر الثلاثة (الوقت والمال والمجهود) تحت تصرفه ويمكنه أن يصرف منها وقتما شاء. وعلى قدر المتاح من هذه العناصر والمخزون منها لديه قَبِلَ الشخص أن يتصرف أو لم يقبل. فإن لم يكن على استعداد لتكريس الوقت الكافي للمضي في شيء مطلوب ، فلن يقبل. ولو لم يكن على استعداد لصرف المال ، أو بذل المجهود في هذا الشيء ، فلن يقوم به. وكلما رفض أو أجّل ، عانى.
إذن شعور المعاناة في أي شيء تذكِرة لنا لتفقّد استعدادنا لبذل أي من هذه العناصر او كلها إن استدعى الأمر لذلك. أي أن الحكمة تقتضي وقفة مع كل عرَض وكل مرض للتساؤل : لِمَ أحتاج هذه المعاناة؟ ما الفائدة التي ستعود عليّ منها؟ وما المطلوب صرفه من العناصر الثلاثة حتى تهدأ النفس وتستقر؟
بَقِيَ أن يتعرف الإنسان على نفسه. فهو يعرف شعور المعاناة على أشكالها. ولكن أين يحس بهذا الشعور في بدنه؟ وشعور الاستقرار ، هل يعرفه؟ آن أوان استطلاعه. ما هو شعور الاستقرار عندي؟ وأين أستشعره في بدني؟ وماذا أحتاج أن أضيفه حتى يتحول شعور المعاناة هذا إلى شعور بالاستقرار؟
فإذا اخترت أن أفعل كذا ماذا سيكون شعوري؟ في اتجاه المعاناة أم في اتجاه الاستقرار؟ وإذا اخترت كذا؟
وماذا لو اخترت الفكرة هذه ماذا سيكون شعوري؟ في اتجاه المعاناة أم في اتجاه الاستقرار؟ وإذا اخترت كذا؟
وهكذا…..
هكذا نتعامل ببساطة مع المعاناة لنصل إلى الاستقرار والنعيم إن شاء الله.
شكرا لاهتمامكم ، وإلى اللقاء في مدونة جديدة.
السلام عليكم