
بسم الله
أهلا بكم في “مدونة لام” لعرض فكرة بسيطة لها آثار عظيمة نتعرّف عليها من زيارة “زيد وعبيد” وهما الآن على مشارف سنّ الستين.
فسن الستين باختصار فرصة للنظر إلى المستقبل. نعم ، المستقبل الذي استقبله الشباب حتى الآن بأذرع مفتوحة ووجه بشوش ، يصِحّ أن يُبقوا أذرعتهم مفتوحة له وتطلعاتهم إليه حيّة.
وهذا شيء جميل يحتاج ببساطة إلى التحضير. فقد وصلوا إلى عمر انتهت معه مسؤولية بناء مسيرة وظيفيّة وبناء نشء صالح. انتهى تركيزهم على الأمور الخارجية فلم يعد إغراء الأشياء تجذبهم.
وهنا مربط الفرس. أصبحت لهم حرية اختيار ما يفعلونه بما أمامهم من أعوام الحياة. وهذه نعمة كبيرة – أن تسنح لهم هذه الفرصة.
عودة إلى زيد وعبيد لأنهما شارفا على سن الستين. فلنتعرف على تطلعاتهما لما بعد هذا السن.
زيد يقاوم الوصول إلى هذا السن ، أما عبيد فهو متطلّع إليه.
زيد يشعر بثقل في صدره كلما فكّر في انتهاء وظيفته ببلوغه هذا السن ، أما عبيد فيشعر بانفتاح وتطلّع لبداية مرحلة جديدة في حياته.
زيد يلهي نفسه بالتدخل في حياة أولاده ، لكن عبيد يخطط لمشروع جديد ويفكّر فيه مليّا.
زيد يتكلم كثيرا عن انتهاء دوره في الحياة وعن الوحدة ، لكن كلام عبيد ينصبّ في التحضير للقيام بذلك المشروع الذي يفكّر فيه.
بطأت مشية زيد وثقلت وبدأ يفكر في المرض أكثر من ذي قبل تماشيا مع أفكار أفراد العائلة السابقين. ولكن عبيد يفكّر في النشاط والمرح ويقوم بهمّة في كل ما يفعله ، وإن زاد تمهّله في الحركة تماشيا مع إمكانيات بدنه في المرحلة الحالية.
يلجأ زيد للوم أولاده لأنهم تركوه وانطلقوا في حياتهم ، وعبيد يتسامر مع أولاده حين يتقابلون عن أمور مشاغلهم وأمور مشروعه.
زيد يجترّ المواقف المؤلمة ، وعبيد يتذكّر المواقف المبهجة.
زيد ينتظر الموت ، لكن عبيد يستمر في تفعيل كل ما أنعم الله به عليه من خبرة ومهارات وإبداع للمساهمة في الحياة .
زيد يعتقد أنه لا لزوم له في الحياة بعد هذا السن ، وعبيد مقتنع أنه ما زال لديه الكثير الذي يمكن أن يشارك به في هذه الحياة وينفع به الآخرين.
زيد تعيس ، وعبيد هادئ مبسوط.
إن كنتَ مُشارِف على سن الستين أو تجاوزته ، لعلك وجدت في نفسك بعض من هذه الأمور. وإن كنتَ بعد في مرحلة الشباب فجميل أن يدرك الإنسان حقيقة ما يحدث في داخله في مراحل عمره المختلفة حتى يحضّر نفسه. وجميل أن يدرك كلّ منّا أيضا أنه يستطيع أن يختار كيف يعيش حياته ، خاصة في هذه المرحلة الجديدة من العمر. أنا شخصيا أختار أسلوب عبيد. وأنتم؟
أشكركم لوجودكم معي اليوم ، وإلى اللقاء في مدونة جديدة.
السلام عليكم