بسم الله
أهلا بكم في “مدونة لام” لعرض فكرة بسيطة لها آثار عظيمة ندرك من خلالها وجود شيء في تكويننا يسمّى “الجهاز الطاقي”.
تعلمنا في المدرسة في مادة العلوم عن أجهزة الجسم المختلفة : الجهاز الهضمي ، والتنفسي ، والدورة الدموية ، إلى آخره من الأجهزة المُشَغِّلة للجسم الذي نعيش به في هذه الحياة. ولم يرد إلينا للأسف أن هناك جهازا آخر لم نتعلم عنه شيء ، إذا أضفناه إلى هذه الأجهزة اكتمل تكويننا الفطري. ذلك الجهاز هو الجهاز الطاقي الذي يحرك الأجهزة الأخرى ويهيمن عليها ويحميها ، وهو الجهاز الذي دَوّنَت شعوب الشرق الأدنى تفاصيله منذ أكثر من سبعة آلاف سنة ، وهو أيضا الجهاز الذي يحوي الأفكار والانفعالات ضمن جزئياته.
فإذا كان الجسم هو البيت الذي تسكن فيه الروح ، ففي هذا البيت أبواب ونوافذ في مواضع محددة تتحكم فيها النفس ذات الفكر والشعور. فهي تترك الأبواب والنوافذ مفتوحة عندما تشعر بالاطمئنان فتتحرك الروح بطلاقة وانسيابية ، وتغلق النفس الأبواب والنوافذ بأقدار متفاوتة حسب ما تعتقد بوقوعه أو تخاف من وقوعه فتُعرقل حركة الروح في الداخل وتتعطل الانسيابية. تماما مثلما نفتح النوافذ لإدخال أشعة الشمس والنسيم العليل أو نفتح الأبواب استخداما للغرف المختلفة كل حسب الحاجة فيدخل الهواء بانسيابية وطلاقة ، ومثلما نغلق النوافذ والأبواب درأً للرياح الشديدة أو الأتربة أو البرد حرصا على ما في داخل الغًرَف فيُمنع الهواء كذلك من الدخول.
ومن الطبيعي أن يكون للروح حرية الحركة في بيتها. ولكن ماذا يحدث حينما تُغلِق النَّفْس نافذة أو مجموعة من النوافذ أو الأبواب – بقدر صغير أو كبير – وتتركهم على هذا الحال فترة من الزمن؟ من الطبيعي أن يُقيّد ذلك حرية حركة الروح داخل الجسم بشكل مزمن مما يضرّ به. فالروح في نهاية الأمر هي نواة الحركة وإذا استمر ضعف الحركة تأثر البدن.
فتخيل لو أن باب المطبخ مثلا لا يفتح بسهولة وأن هناك نقص مزمن أيضا في مستلزمات تحضير وجبات الطعام. ألا يؤثر ذلك على الرغبة في تحضير الوجبات ، ويؤثر على لذة الطعم؟ أمر طبيعي. فإذا كانت هناك أوامر من رب البيت أو من يقوم مقامه بمنع التعاقد مع نجار لإصلاح الباب ، وأوامر أخرى منع شراء المستلزمات المطلوبة ، فهل يُتَوَقَّع أن يتغيّر أي شيء؟ بالطبع لا ، سوف تستمر المعاناة.
وإذا عرفنا أن رب البيت هو الفكر ، وربة البيت هي الشعور ، وأنهما يقومان يوميا بتفقُّد غرف البيت جميعا بالترتيب ، واتخاذ القرارات المختلفة يوميا بخصوص استخدام المكان من عدمه وصيانته من عدمه ، يتضح لنا كيف أن حال كل غرف البيت في أيديهما ، ومدى انسيابية حركة الروح في البدن من عدمه في أيديهما كذلك. وإذا استمرا بنفس القناعات التي يبنون عليها قراراتهما استمر باب المطبخ على حاله واستمرت المعاناة في تحضير الوجبات على حالها واستمر الطعم على حاله غير لذيذ. يعني ذلك أن أي تغيير في الوضع الراهن لا بد أن ينبع منهما – رب البيت الفكر وربة البيت الشعور – مُتّخذا القرارات. أليس كذلك؟
ثم ماذا لو علمنا كذلك أن منبع السلوكيات هو أيضا الجهاز الطاقي – أي قرارات رب البيت الفكر وربة البيت الشعور ، وأن صحة السلوكيات تنبع من صحة الجهاز الطاقي – أي صحة رب البيت الفكر وربة البيت الشعور؟ ألا يعني ذلك أن أي تغيير في السلوك لا بد وأن يأتي من تصحيح أي خلل يطرأ على هذا الجهاز الطاقي؟
فلنعترف بوجود الجهاز الطاقي ونستشعره دون خوف ، ولنتعلم عنه من المصادر المختلفة ، ، ولنقدّر أهميته ونكرّس من الوقت ما يلزم لصيانته حتى ترتاح الروح في البيت الذي تعيش فيه.
أشكركم لوجودكم معي اليوم ، وإلى اللقاء في مدونة جديدة.
السلام عليكم
مقال رائع ومفيد
إعجابإعجاب
قام بإعادة تدوين هذه على عنوان الموقع.
إعجابإعجاب