بسم الله
أهلا بكم في “مدونة لام” لعرض فكرة بسيطة لها آثار عظيمة نجدها في لعبة “عروستي”.
“عروستي” لعبة جماعية لطيفة تواترت عبر الأجيال وكنا نلعبها ونحن صغار ، تجمعنا في أمسيات هادئة وتُمضي الوقت في خفة وسرور. هي باختصار أن يتم اختيار فرد يخرج من الغرفة (نسيمه “اللاعب”) ، ويقوم الباقون بالاتفاق على وصف شيء معين موجود في الغرفة (أو في الحياة على حسب سن “اللاعب”). يدخل “اللاعب” ويطلب معلومة من كل فرد من المجموعة بالترتيب ، فيقول “عروستي” فيعطيه كل واحد دلالة واحدة على هذا الشيء. إن أصاب بناء على الدليل تم انتقاء “لاعب” جديد ، وإن أخطأ أعاد السؤال على شخص آخر وهكذا حتى يصل إلى الإجابة الصحيحة. وسيلة لطيفة تنمّي الملاحظة وربط المعلومات وتنشيط الذاكرة. لعبة لها مقابل طبعا في المجتمعات المختلفة.
يلعب الصغار هذه اللعبة غالبا بالتخمين ، فالحدس والوهم والظن جزء أساسي في المرحلة العمرية الصغيرة. ولكن من هم أكبر من ذلك يحرصون على جمع المعلومات وتحليلها وربطها للوصول للإجابة.
إذا صفت نفوس الحاضرين ولم يُعجِّزوا “اللاعب” من النجاح في مهمته ، قدَّر قيمة المعلومات وسعى إلى تحصيلها في المستقبل بالقراءة ، وأثرى حياته بها. أما إذا لم تَصْفُ النفوس انقلبت اللعبة إلى محنة واستسلم “اللاعب” لتعجيز الآخرين ، وابتعد في المستقبل عن تحصيل المعلومات.
فإذا علمنا أن أحد الأسباب الرئيسية في ابتعاد النشء عن القراءة هو إحساس العجز ، فكيف نُمكِّن هذا النشء من إدراك قدراته وبناء مهاراته والإحساس بالقوة والنشاط عند تحصيل العلم؟ نتعلم من “عروستي” : أولا نتواجد بهدوء ونخلق جوّاً من الخفة. ثانيا نتمهّل حتى يأتي “اللاعب” إلينا طلبا لمعلومة. ثالثا نعطيه المعلومة من نفس كريمة ، ونعطيها ببساطة ووضوح. فإن لم تكن لدينا المعلومة نقول ببساطة “لا أعرف” ، ولا يعيبنا ذلك من شيء. رابعا نصبر على “اللاعب” وهو يستوعب المعلومة الجديدة ويدمجها مع ما عنده من معلومات. خامسا نهدأ ونتقبل قصوره لو لم يصل إلى الحل ، كخطوة طبيعية في طريق النجاح ، فسيأتي النجاح مع التجربة المتكررة والتعلم من الأخطاء. هذا هو التمكين من النجاح ، وهذه هي عروسة “اللاعب”. وأجمل ما في هذه اللعبة أن يحصل كل من الحاضرين على عروسة : عروسة النجاح ، البهجة ، الهدوء ، عروسة السرور ، المعيّة و الحب الأسري ، عروسة الكرم ….. أي أن المكسب يعم على الجميع. فما رأيكم أن نُحيي حكمة هذه اللعبة في حياتنا اليومية. لقد قررت شخصيا أن أفعل ذلك. فماذا عنكم؟
أشكركم لوجودكم معنا اليوم ، وإلى اللقاء في مدونة جديدة.
السلام عليكم