بسم الله
أهلا بكم في “مدونة لام” لعرض فكرة بسيطة لها آثار عظيمة مع “زيد وعبيد”.
زيد وعبيد توأمان. لا يجمعهما في التوأمة سوى مشاركة منزل الرحمة كجنينين أثناء التكوين. إلا أن كل واحد منهما كبر ليصبح نقيض الآخر تماما في كل شيء.
فإذا حكم زيد على أحد أنه متهور ، نظر عبيد له بأنه يتحرك بسرعة قبل أن يفكر.
وإذا حكم زيد على أحد بأنه فاشل ، نظر إليه عبيد أنه وصل إلى نسبة من النتيجة أقل من المطلوب.
كان زيد دائم الحُكم على الأشياء بأنها إما صح أو خطأ. أما عبيد فكان يستشعر إحساسه تجاه فِعل ما أو نتيجة ما إن كان قد سُرّ أم تكدّر.
وكان زيد يشكو دائما أنه مضغوط ولا وقت لديه لهذا العمل أو ذاك ، أما عبيد فكان يقول : سأفعل ما أستطيع في الوقت المتاح.
وكان زيد يدّعي دائما أنه لا يستطيع أن يفعل هذا أو ذاك ويلوم نفسه على ذلك ، أما عبيد فكان دائم القول : أستطيع وأختار، ثم يقرر ما يفعله وما يتركه وما يؤجله وما يوكله لشخص آخر.
حتى في المديح كانا يختلفان. فكان زيد يمتدح نفسه وأولاده بصفات مثل شاطر وذكي. أما عبيد فكان يصف الفعل المحمود الذي فعله ويستشعر السرور.
وكل ليلة كان زيد يحاسب نفسه قبل أن ينام ويلومها على أشياء كثيرة فينام متكدرا. أما عبيد فقد كان يُقيِّم أفعاله كل ليلة ويقرر المفيد منها فيحمد الله عليها ، وما لم يكن منها مفيد ، يُحَضِّر نفسه بتصرف أكثر نفعا إذا ما تكرر الموقف مرة أخرى في المستقبل.
لذا عاش زيد عَكِر المزاج منفعلا خائفا قلقا وتكدرت حياته ، أما عبيد فعاش هادئا مستقرا يُقبِل على الحياة ببساطة وخفة.
وفي يوم من الأيام استشار زيد حكيما بخصوص هذا الاختلاف ، فقال له الحكيم : أنتما الاثنان تفعلان نفس الشيء ولكن أسلوبك يا زيد يُضيِّق صدرك ويُغلظه ، وأسلوب عبيد يفتح صدره ويريحه. فهل لك أن تتعلم من عبيد وتختار أن تصوغ أفكارك وأنت تكلم نفسك والآخرين صياغة تشعر حيالها بالهدوء والسكينة والراحة؟ جرّب.
كان الله في عون زيد ، والحمد لله على وجود عبيد.
شكرا لوجودكم معنا اليوم ، وإلى اللقاء في مدونة جديدة.
السلام عليكم