نشرت تحت تصنيف التطوير الذاتي

ثمن الرائحة

بسم الله

أهلا بكم في “مدونة لام” لعرض فكرة بسيطة لها آثار عظيمة ، نقيّم بها “ثمن الرائحة”.

من سنوات عديدة كان هناك درس في كتب اللغة العربية الدراسية بعنوان “ثمن الرائحة”.  وملخص القصة أن رجلا جائعا وقف أمام دكان  اللحم يشم رائحة اللحم المشوي المنبعثة من داخل الدكان. فخرج إليه صاحب الدكان يطالبه بثمن الرائحة التي شمها وتمتع بها.  رفض الرجل رفضا باتا وبدأت بينهما مشادة جاء على أثرها جحا ليفصل بينهما بالحق.  فما كان منه إلا أن طلب من الرجل دينارا وترك الدينار يسقط على الأرض فأصدر صوتا عاليا.  عندها قال حجا للبائع صوت الدينار ثمن الرائحة.

والقصة بما فيها من فكاهة فيها من الحكمة أيضا.  منها أن لكل شيء ثمن.  فما أختار أن أفعله له نتيجة.  وإذا اخترت ألا أفعل ستكون هناك نتيجة أيضا.  هذا هو ثمن اختياراتنا.

لذا يأتي تدبر نتائج الأفعال قبل فعلها حتى يقرر الشخص ما إذا كان على استعداد أن يدفع ثمن ذلك الفعل.  نأخذ مثالا بسيطا : تختار فتاة أن تخرج عن المألوف في قريتها وتدخل مجال التجارة العامة وهي قادرة تماما على تولي هذه المهام بنجاح.  فما هو ثمن هذا الاختيار؟  نظرات الآخرين المستهجنة؟  اتساع الفجوة الفكرية بينها وبين صديقاتها فيبتعدن عنها؟  انعزالها عن الحياة الاجتماعية بسبب التركيز على العمل؟  أي من هذه النتائج أو كلها ثمن لما تختار أن تفعله.  والسؤال المفيد لراحة البال وعدم الشكوى هنا هو : هل هذه الفتاة على استعداد لدفع هذا الثمن نظير تحقيق هذا الهدف؟  إن كان الجواب نعم فعليها أن تذكِّر نفسها عندما تتأذى من الآخرين أو من الانعزال بأنها هي التي اختارت هذا الطريق.

ولا يعني ذلك أن تقوم بِلَوْم نفسها على الاختيار ، ولكن يعني أن تتذكر أيضا أنها تستطيع في أية لحظة أن تغيّر اختيارها وتختار تصرفا آخر حسب ما تراه مفيدا لها في ذلك الحين.  ففي كل لحظة – لو انتبهنا – نقوم باختيار شيء ما.  إذن في كل لحظة أيضا يمكننا تغيير اختيارنا إذا أردنا.  ولا عيب في ذلك لأن القرار قرار الشخص نفسه ، ومبني على ما يراه مفيدا له في تلك اللحظة.

العديد العديد من الناس أدخل هذه الفكرة في تقييم أسبوعي (أو شهري) لرحلة الحياة : هل أنا مرتاح للاتجاه الذي أسلكه؟  إن كانت الإجابة “لا” فما الثمن الذي أدفعه في هذا الاتجاه؟  هل أنا على استعداد لدفع هذا الثمن؟ وإن كانت الإجابة  “لا” أيضا ، فما الطريق البديل؟  وما ثمنه؟  إلى أن أصل إلى اختيار يناسبني أن أدفع ثمنه.

ومثلما أدرك جحا الحكيم ، ندرك نحن أيضا أن لكل شيء ثمنا ، والثمن في كثير من الأحيان بسيط جدا مثل ثمن الرائحة.

شكرا لوجودكم معنا ، وإلى اللقاء في مدونة جديدة.

السلام عليكم

المعلق:

رأيان على “ثمن الرائحة

    1. فعلا بسيط. وبساطته تجعله في متناول الجميع الحمد لله. ويمكن أن نبدأ في أية لحظة. ولا يهم إن نسينا في خضم أحداث الحياة فسوف نتذكر في وقت من الأوقات ويكون هو الوقت المناسب.

      إعجاب

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s